Sunday, December 18, 2011

الإله الذي أعرفه - ما بين الإلحاد والفكر المتغرب عن الله

+ هل نعرف الله نور مشرق بالرؤيا والاختبار أم فكر ومعلومة عقلية +
المعرفة التي حسب الجسد والتي تتوقف على قدرات العقل البشري في التفكير والاستنتاج، هي معرفة محصوره في الكتب وجمع المعلومات حسب الفلسفات المتنوعة من شعب لآخر ومن فكر لفكر، والتي يكون دائماً بعضها صحيح والبعض الآخر خطأ، والتي بعضها يتم تجربته من خلال الواقع المُعاش للإنسان أو عن طريق المعمل والتجربة سواء الميدانية أو العلمية والبحثية بطرقها المعروفة...
والمعرفة عن الله بهذا الشكل أي المحصورة في الكتب وعادات الشعوب وأفكار الإنسان الموروثة، أو الأفكار التي تأتي من المعجم وقواميس الكتب حتى لو كانت صحيحة جداً وحسب الإيمان المعلن في الكتاب المقدس، ولكن أن فحصناها بحسب الحق في المسيح يسوع كإله حي وحضور مُحيي، سنجدها تنبع من الفكر المتغرب عن محبة الله، وهي خطر كبير يهدد الشركة والمعرفة حسب قصد الله – لأنها حتماً تقود للانفرادية وطبيعتها الانقسام، لذلك كل من يسعى للانقسام داخل الكنيسة فهو لم يعرف بعد الله القدوس ولازال متغرباً عن محبة الله وبالتالي الكنيسة...

فأي خادم أو أياً من كان وضعه أو رتبته في داخل الكنيسة يصنع خصومات وتحزبات وانشاقات، أو يصنع فرقة بناء على رأي أو فكر شخصي أو فلسفة أو مجادلة طائفية فهو غريب عن الله ولم يعرفه قط، بل لازال الله - بالنسبة له - هو الإله حبيس العقل والطائفة وهو بذلك أصبح وثن وتمثال مصنوع من الأفكار البشرية التي بحسب الإنسان وذكائه الخاص ليعبده ويشرك الناس في عبادته بالطريقة التي أخذها من سابقيه بدون رؤية وبدون لمسة حياة من الله الحي المعلن ذاته...

وبذلك فأننا نقول بالحق هؤلاء لم يعرفوا الله الحقيقي بعد، من جهة الرؤيا والإعلان، بل يعرفون إلههم الخاص حسب معرفة عقلهم لذلك يحبسون إلههم في اعتقادهم حسب رأيهم الشخصي، حتى لو كان كلامهم صحيح وحسب الحق الظاهر في الكتاب المقدس والكنيسة، لأنهم في الواقع لم يروا الله ولم يسمعوا صوته قط، بل ولم يدخلوا في شركه معه كإله حي وحضور مُحيي، بل شركتهم مع أنفسهم محصورة في عقلهم وفكرهم الخاص الممزوج بالفكر الموروث، وينقلون ما تعملوه من الناس وما يميلوا إليه من حيث المعتقد والطائفة والمعاجم والقواميس بدون رؤية ولا إعلان، لذلك فأنهم يعطون الدين كأفيون لمن يستمع إليهم ليتخدر ويعيش على وهم أنه ينفذ ما يُرضي الله وله الملكوت، مع أنهم يعلنون حقائق لم يروها بأعينهم، وينقلون شريعة لم تكتب في قلبهم بالنور، وينقلون كلام الله الذي لم يسمعوه بآذانهم، ويعطون توجيه لم يسمعوه بإلهام الروح القدس لأنه مكتوب: [ لأن كل الذين ينقادون بروح الله فاولئك هم أبناء الله ] (رومية8: 14)، والروح القدس ليس فكرة ولا كلمة تقال ولا معلومات تقدم عنه، ولا نظرية تُشرح، ولا عمله في النفس معلومات ووعظ يُقدم، بل هو إله حي يسكن القلب وله صوت واضح ونوره كالفجر يُشرق في النفس أن كان هناك شركة معه برؤية قلب، لأن وجوده يصبح يقين كالفجر أن تبنا وآمنا...
فهل الله الذي نعرفه على مستوى الكتب بلا رؤية حقيقية على مستوى الواقع العملي المعاش، هذا هو الإله الحقيقي، الله الحي والمُحيي، أم هو مجرد صورة كاريكاتورية يصنعها الفكر فينكرها الناس ويرفضونها ويسمون أنفسهم ملحدين، مع أنهم في الواقع رافضين تلك الصورة المرسومة من أفكار الناس التي صنعت وثن اسمه الإله المصنوع من افكار بشرية انحبس فيها على مستوى الكتب والعقيدة والممارسات الطقسية التي بلا روح من مقدمها، فكف عن أن يتدفق كنور وحياة وإلهام وقوة شفاء حقيقة لكل نفس تنظر نوره المُحيي مبدد كل ظلمة !!!
استيقظوا أيها الكهنة والخدام وكل من يُعلم عن الله، وكل من يقول أنا مسيحي وافتخر، وكل من هو ضليع في الكتب والعلوم اللاهوتية والروحية، واخلعوا عنكم هذا الإله الذي صنعتموه واعرفوا الله الحي المعلناً ذاته: نور وحق، قيامة وحياة، يجدد الطبيعة ويكلم النفس ويشدها إليه بالحب فتدخل في شركة مقدسة فيها رؤية وسمع ولمس من جهة كلمة الحياة، فتخرج الشهادة لله الحي برؤية قلب من إنسان رأى وسمع وذاق وشبع فخرج يخبر ويدعو الناس لنفس ذات المائدة ولنفس ذات الشركة التي لا تنحصر في ذاتها بل تنتشر وتتوسع، لأنها شركة إله حي مُحيي يكشف عن ذاته بقوة إعلان محبته في القلب في سر التقوى ....
يا أخوتي صدقوني، الله ليس فكرة ولا نظرية ولا شوية مبادئ ولا مجرد دين وطقس وفكر وفلسفة ومعلومة، وليس الله هو حبيس الفكر والمعلومة وليس هو حبيس الأديان والأفكار المتضادة بحيث أن البشرية تاهت عنه في فلسفات وأفكار متنوعة حتى داخل الطائفة الواحدة، الله في هذه الأيام الصعبة لم يعد الكثيرين يرونه، بل الغالبية العظمى من الناس وعلى الأخص المأتمنين على كلمة الله والكتاب المقدس واصحاب المعرفة، وضعوا سياج من شوك الأفكار المنمقة والجميلة، تمنع معرفته ورؤيته والتعرف عليه إله حي يُحيي النفس بكونه روح وحياة، وبكونه دفق عطاء ووحي دائم لذاته، يعطي حياة ويقيم النفس بقوته ويشفي الأعماق فعلاً، ويعطي بصيرة ورؤية قلبيه لشخصه رافعاً غشاوة الذهن ويُنير العينين...

فاسألكم برأفة الله أن تطلبوه من كل قلوبكم، لأنه وحده من سينجينا كلنا من كل شر وفساد ويعطينا حياة لا تزول مع شجاعة إيمان نغلب بها العالم كله، ويزيل كل عثرة في الفكر والمعرفة قد أدت لعدم معرفته وعوقت مسيرة الإنسان نحوه، وأتاهته في ظلمة ضعفه تحت مبادئ الأديان المتناحرة وانحصارها في أنا صح والآخر خطأ وخطأه جسيم، وهو كافر لن يقبله الله، وأنا لي الملكوت وحدي ولكل من يسير معي وفق نفس التعليم والمعرفة التي أعرفها .....

يا أحبائي آن الأوان لنأتي لله الحي بالصلاة الحقيقية باتضاع وقرع بابه الرفيع ليفتح الله الذهن لنفهم الكتب ونعرف مشيئته وإرادته، مع طلب دائم بصلاة إلى الله الحي لكي يُعرف نفسه كل واحد فينا، ويعلن له من هو وماذا يريد منا، وحينما نسمع صوته لنُطيعه، هذا الصوت الذي سيأتي إلينا بيقين أن كنا فعلاً نطلبه بكل قلبنا، وآن الأوان لنا كلنا لكي لا ننظر لفكر البشر وقناعتهم الشخصية لأنه مكتوب في الكتاب المقدس:
[ أنا قلت في حيرتي كل إنسان كاذب ] (مزمور116: 11)؛ [ ليكن الله صادقاً وكل انسان كاذباً ] (رومية3: 4)

أقبلوا مني كل احترام وتقدير
كونوا معافين بقوة الله وعمل نعمته آمين


from †† ارثوذكس ††




ifttt puts the internet to work for you. via task 398879

0 التعليقات: