Friday, January 22, 2016

جديد ارثوذكس : ميلادنا الجديد ونمونا الروحي وانتصارنا على قوى الشرّ والفساد


حسب إعلان الإنجيل فأن النور والظلمة لا يجتمعان معاً، لأن الظلمة حالة سلبية تُعبِّر عن حالة غياب النور، والظلمة ليس لها شكل أو تُعتبر لها كيان أو قوة إيجابية، لأن فور ظهور النور تنتهي الظلمة بالتمام، لذلك فأن روح الحق وروح الضلال لا يجتمعان معاً قط.
فالنعمة الإلهية والخطية مستحيل ان يجتمعان معاً في آنٍ واحد كما يتصور البعض ويتكلمون عن حضورهما معاً في داخل الإنسان المولود جديداً من الله، لكن في الواقع الاختباري حسب الإعلان الإلهي، فقبل أن يدخل الإنسان في السيرة الروحانية المقدسة بالميلاد الفوقاني الفعال بحياة الإيمان العامل بالمحبة، فأن النعمة الإلهية تحث النفس على الصلاح من الخارج، والصلاح هنا لا يُقصد به أن يصير لها أعمال صالحة وأخلاق حميدة بل هو أكثر من هذا بكثير جداً، لأن القصد من الصلاح هنا هو أنها تعمل بالنداء لعودة النفس لخالقها لتتغير وتصير على صورة مجده، وهذا النداء يعوقه تستر عدو الخير في أعماق النفس عاملاً على الحواس غاشيها بالظلمة لكي يسد كل مخارج الذهن المُنيرة ليمنع كل ميل نحو الله الحي، لاهياً النفس بتسهيل طريق الملذات الحسية الجسدية التي تميل نحوها النفس حسب خبرتها التي مرت بها في الشرور.
ومع كل هذا فأن نعمة الله أقوى تغلب الشرير وتبطل كل مؤامراته، حينما يكون في داخل النفس شوق خفي وطوق نحو الله الحي، فهذا الشوق الضعيف تلتقطه النعمة وتتعامل معه فتجذب النفس نحو خالقها وتعينها على التوبة أن تمسكت بها بكل شوق، لأن طبيعة نعمة الله مُشرقة تخترق الظلام الكثيف حتى الأعماق وتصطاد النفس بشوقها الدفين فتنتشلها من الضياع وتُقيمها وتصعدها للعلو الحلو الذي للقديسين ولا تتركها حتى تتوافق مع عمل الله وتدخل في سرّ الولادة الجديدة.
وبعد أن تدخل النفس في فاعلية الولادة الفوقانية وتبدأ المسيرة الروحية الصالحة حسب قصد وتدبير مشيئة الله، تبدأ في حياة التجديد، فينطرد الشيطان من الداخل – تلقائياً – إلى الخارج، والنعمة تصير في الداخل، لأنه أن كان الضلال مالك بالموت حتى أن النفس كلياً كانت ظُلمة، فأن الحق يُنير العينين ويملك بسلطان ويطرد الظلمة ويبدأ في تقديس الحواس جاعلاً هيكل الجسد نفسه مقراً لسكنى الله، إلا أن إبليس لا يهدأ ولا يسكت بل يستمر يُحارب النفس من الخارج، إلا أنه لا يُساكن النعمة ولا يجلس بجوار الحق إطلاقاً، ولا يُشارك الروح القدس في هيكله – حاشا – بل هو يحارب في الأفكار مستغلاً الثغرات التي لم تُغلق عندنا، من جهة الميل الخفي نحو بعض الشهوات الردية التي نحبها ولم ندع النعمة تعمل فيها حتى تزيلها فتتقدس كل حواسنا وتُغلق الثغرات التي من خلالها يحاربنا عدو كل صلاح، ومن هنا نعود للسقوط، لأن الروح القدس الذي يسكن فينا لن يمنعنا بالقوة بل لازالت الإرادة حُره تختار ما يوافقها، لكنه يُحذر وينبه، بل ويعود يحث النفس على التوبة والتخلي عن الملذات المنحرفة لتعود النفس بقوة أعظم مما كانت بتوبتها وخضوعها لعمل الروح القدس فيها.
عموماً يا إخوتي معموديتنا ليست عمل سحري يتم فينا فنصير في التو أبناء لله لنا الحياة الأبدية رغم إرادتنا، لأن النعمة تسكن في أعماق الذهن وتصير مستترة وحضورها مخفي عن الحواس، لكن متى بدأنا نتوق ونشتاق إلى الله عن حاجة شديدة للخلاص من الظلمة التي أحاطت بنا، وحياة الفساد التي خنقتنا وأدخلتنا في الكآبة حتى اننا نتمنى الموت لنخلص من هذه الحياة الشاقة تحت سلطان عدو قاسي يُريد ان يُهلكنا، في هذه الساعة فقط تنقل النعمة خيراتها للنفس عن طريق شعاع نور يتغلغل وينفُذ للذهن، فتتحرك بحواسها الداخلية بفرح وتستقبل هذا النور فتبدأ النعمة في العمل وطرد الشرير، فتدخل النفس في مسيرة الولادة الجديدة في الواقع العملي المُعاش، وتبدأ العطية الإلهية تظهر عذوبتها للذهن بمقدار نمو النفس واستجابتها وتوافقها مع وصية الله المُقدمة بالروح القدس، لأن الوصية تصحبها القوة الإلهية لكي يقدر الإنسان على الحياة بها ببساطة لأن طبيعته الجديدة تتوافق مع الوصية جداً.
ومع ذلك فأن عدو الخير سيظل يحارب النفس من الخارج – كما قلنا سابقاً – لكن الله أعطى النفس أسلحة خاصة لكي تنتصر في هذه الحرب، وأهمها صلاة الإيمان بقوة الاسم الحسن الذي به ننال كل شيء، أي اسم يسوع المسيح ربنا ومخلصنا القدوس الصالح، لأن باسمه يُستجاب لنا لأن فيه لنا النعم والآمين، فأن تمسكنا بالنعمة التي تسكننا وتمسكنا بإيماننا بمسيح القيامة والحياة ولم نميل نحو كل ما هو غريب عن طبعنا الجديد فأننا ننتصر ونغلب بسهولة دون عناء، وكما ينتصر الجندي في المعارك التي يدخلها فيكتسب خبرات جديدة ويصير أكثر تمييزاً ووعياً استراتيجياًن هكذا الإنسان اللابس سلاح الله الكامل فأنه من كثرة الحروب يكتسب الخبرات التكتيكية مُميزاً بين الخير والشرّ بكل دقة ويزداد اتضاعاً بسبب شعورة بعار دنس الأفكار الشيطانية بعد أن تنقى منها بسبب عمل الله فيه وليس بقدراته الخاصة التي فشلت تماماً حينما كان أسيراً تحت سلطان الظلمة والموت الذي كان يعمل فيه للهلاك، لأن ساعة تملك هذا الشعور في القلب والفكر فأنه يعلم حيل عدو الخير ويهرب منها متمسكاً بالحياة الجديدة التي في المسيح يسوع، متحصناً بروح الحياة الرب المُحيي مُمسكاً بسيف كلمة الله محمياً بترس الإيمان وخوذة الخلاص وبشارة إنجيل الحياة.


via †† ارثوذكس †† http://ift.tt/1NoORxB

0 التعليقات: