Thursday, April 14, 2016

جديد ارثوذكس : زمان ربيع النفس وعلامة المؤمن الحي بالله

+ حينما يأتي أوان الربيع كل شيء يبدو كأنه ولد من جديد، والأرض كلها تمتلئ بهجة بألوان الربيع المختلفة الظاهرة في الأشجار والزهور والثمار، وهكذا النعمة، فهي ربيع النفس الحقيقي، إذ أنها تأتي بالمعرفة الإلهية المُنيرة للنفس، والتي بدورها تبدأ تولِّد هذا الحب الصافي الذي يشد النفس نحو عريسها لتلتصق به التصاقاً فتُقيم في الشركة ثابته نامية بلا توقف.
فالمعرفة الإلهية تُنير عين الذهن الداخلية فتُبصر ما لم تكن قادرة على أن تراه من خلال كل المعارف التي كانت حاصلة عليها من الكتب أو الدراسات العميقة والصحيحة، لأن معرفة الكتب تختلف عن المعرفة الإلهية الأتية من النعمة المُخلِّصة النازلة من عند أبي الأنوار، لأن المعرفة الإلهية هي فعل نعمة ممنوح مجاناً من الله لمن يُريد أن يعرفه بغرض أن يدخل في تلك الشركة المقدسة التي هي سرّ حياة النفس الأبدية.
ومن تلك المعرفة يأتي الإفراز والتمييز في كل شيء، لأنها تملأ النفس حكمة وتجعل العقل متزناً، راكزاً، صاحياً، مُتعقلاً، فلا يُسرع في تصديق أي شيء من الناس أو حتى من الأفكار التي تأتيه، إلا بعد فحص وتمحيص – تلقائي – في نور حكمة الله حسب المعرفة الحاصل عليها بغنى سكيب النعمة الإلهية والتي تتفق مع روح كلمة الله الحية الفعالة الباقية إلى الأبد.
++ حينما يمتلئ عقل الإنسان ويتكدس بكثرة المعارف الإلهية الصحيحة بسعيه الخاص بدون النعمة، فأن صوته يعلو بغيرة أمام الناس في الجدل حول الحق بكلام الإنسانية المُقنع، وهو حانق على الجميع لأنه يراهم في حالة من غباوة الفكر وظلمة العقل، لأنهم لا يقبلون الحق الظاهر لأنهم يرونه على غير حقيقته، فيبدأ النزاع على الألفاظ والنقاش الجدلي حول التعبيرات، بل والتناحر بين الطرفين في شد وجذب، وفي محاولات مستميتة يبدأ كل طرف أن يُقنع الآخر – بأي صورة – بالحق الذي حصل عليه بوعيه المنفتح على التعليم الحقيقي، لكي يعرف ويتعلم.
أما حينما يستنير العقل بنور المعرفة الإلهية الحقيقية، فأن من كنز قلبه الصالح تخرج الكلمات بحكمة الله مؤيدة ببرهان الروح والقوة بخبر الإيمان، بهدف دعوة الكل: تعالى وانظر وجدنا مسيا: الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به لكي يكون لكم أيضاً شركة معنا، وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح (1يوحنا 1: 3)
+ ففي الحالة الأولى الغرض هو المعرفة الموسوعية التي في النهاية تصل إلى العجرفة، وتعمل على الانعزال عن الآخرين إلى أن تصل لرفضهم بل واحتقارهم والتأفف منهم وعدم قبول الجلوس معهم أو السماع لكلماتهم ومعالجة المواقف الصهبة بغرض الشفاء والدخول في شركة واحدة في حياة النور والقداسة، مع إلقاء اتهامات خطيرة بإدانة واضحة صريحة بغرض الرفض والقطع من الشركة مع الآخر في النور، لأن في هذه الحالة الأنا هي المُسيطر في النهاية.
+ أما في الحالة الثانية حينما تكون المعرفة عمل نعمة فأنها تقود للوحدة في المحبة بوداعة وتواضع قلب، وإعلان مجد الله الحي، لأن في تلك الحالة الله هو الظاهر في النفس، وكل الأعمال الظاهرة هي بالله معموله، لذلك فأن كل من يحيا هكذا فأنه يصير منارة تُهدي الكثيرين لطريق البرّ والحياة.
*** فعلامة المؤمن الحقيقي العارف الله لا فكراً إنما شركة خبرة وحياة في النور، هو محبته للجميع بلا استثناء وعدم إدانته وإلقاء التهم والصاقها بأحدٌ قط، بل ومحبته لكل إنسان خاطئ تظهر في مخدعه لأنه يُصلي لأجل كل من يراهم مخطئين ويقدمهم قدام الله مثل من قدموا طريح الفراش ودلوه من السقف لكي يشفيه المسيح الرب، وهنا تنسكب نعمة وفيرة غزيرة من الله لهذا الإنسان المحب لأنه يعرف محبة المسيح الشديدة للخطاة والفجار لأن الرب يسوع لم يأتي ليُدين أحد بل ليُخلِّص، لذلك كل مسيحي يُريد أن يُدين الناس ويحكم في ضمائرهم ويرفضهم ويحاول أن يقتحم حياتهم الخاصة ويرفض البعض ويقبل البعض لأنهم يتفقون معه، فقد خرج عن منهج معرفة الله وورط نفسه في حكم الدينونة، لأن الرب قال: لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون، وبالكيل الذي به تكيلون يُكال لكم (متى 7: 2)


via †† ارثوذكس †† http://ift.tt/20F8HOa

0 التعليقات: