Sunday, December 17, 2017

جديد ارثوذكس : الدخول السليم للكتاب المقدس


سلام في الرب
أخوتي الأحباء الذين يبحثون عن الدخول السليم للكتاب المقدس: في الواقع الروحي واللاهوتي، أن الدخول في الكتاب المقدس دخولاً سليماً لا يأتي بمقارنة الكتاب المقدس بالميثولوجيا كما هو حادث اليوم، وتجريد الكتابات من إلهام الروح القدس وتصوير على أنها نقل من الحضارات وروحنتها لتوصيل مجرد رسالة إلهية، لأن الله لا يُرسل مجرد رسائل للبشر وهو بعيد عنها، لأن الكتاب المقدس يُظهر حضور الله وسط الأحداث التاريخية، فالله ليس ببعيد عن إنسانيتنا ولا مشاكلنا اليومية، ولا هو الإله المنعزل عن خليقته، فلو جردنا الكتاب المقدس من تاريخه وبحسب تصورتنا الإنسانية التي لا ترى الأمور كما هي معلنه بالروح في صميم التاريخ الإنساني على نحو شخصي وككل، لأننا نحاول أن نعقلن الأحداث، اي نجعلها في صيغة عقلية نتقبلها بسبب تعثرنا في المعجزات التي حدثت تفوق الطبيعة، ونحاول أن نمنطقها لكي نقنع الآخرين بشكل عقلي برسالة الله، وبذلك نخرج عن التدبير الإلهي نفسه لأننا لا نُدرك سياقه ولا واقعيته، فبذلك قد فصلنا الله عن خليقته وجعلناه بعيداً جداً عنا لا يعرفنا ولا نعرفه.
فالله لا يتعامل مع خيال،
ولا يُرسل مجرد رسائل وهو في مكان ونحن في مكان آخر، بل يتدخل في صميم التاريخ ويتنازل لمستوى ضعف الإنسان في كل زمان، لأن الله محبة، والمحبة طبيعة جوهره، مستحيل يقف موقف المتفرج ولا يُظهر أو يعلن ذاته ويتدخل في مشاكل الإنسان اليومية ويتعامل معاه، هو فقط علينا أن نُدرك طفولة الإنسان عبر التاريخ، لأن كل حقبة أو فترة الله بيغير معاملاته مع البشر، لأن الإنسان في كل عصر بيختلف طبيعة فكره حسب تصوراته وعمله وما وصل إليه من حضاره، فليس في كل حال يتقبل الإنسان معاملات الله ولا المعجزات بنفس ذات الطريقة عينها، ولا يستيطع ان يفهم إرادة الله ومشيئته ويعرف انه الإله الحقيقي بنفس ذات الإعلان والشكل والصورة في كل عصر مثل العصر الذي يسبقه، وهذه مشكلة الشراح والمفسرين، هو عدم استطاعتهم فهم سر التدبير في صميم التاريخ الإنساني ولا معاملات الله في كل عصر حسب طبيعة الحضارة الإنسانية المتغيرة من عصر لعصر.
فالكتاب المقدس كتب بالروح
وليس بأفكار الناس وتصوراتهم، وفيه معلن برّ الله على مستوى العهدين، لكن بالطبع تجلى وظهر بالإيمان بالمسيح الرب الذي أظهر قصد التدبير الإلهي، لأن الله ليس بمستعرض ولا صاحب شو إعلامي، لكنه بيتدرج مع الإنسان خطوة بخطوة لكي يصل لحياة الشركة معه على مستوى التبني في الابن الوحيد، وهذا هو قمة وغاية التدبير الإلهي أو الهدف الذي يصب فيه معاملاته كلها، لأن ليس هناك هدف لله منذ البداية إلا ان يصل للإنسان لهذا القصد، ومتى وصل لهذا القصد فأنه يدخل في سرّ التدبير ويمتلأ بالروح ويرتفع لمستوى فهم آخر بعيد تماماً عن الطرق المادية التي تعامل بها الله مع الإنسانية الساقطة والضعيفة التي لا تستطيع أن تفهم الروحيات بسبب انطفاء نور الذهن بالسقوط، لذلك المسيح الرب نفسه قال لينقوديموس:
أن كنت قلت لكم الأرضيات ولستم تؤمنون فكيف تؤمنون أن قلت لكم السماويات (يوحنا 3: 12)
فالإنسان الطبيعي عنده جهاله
لا يستطيع ان يفهم الروحيات، لأنه لا يقارن الروحيات بالروحيات، بل يقارنها بالحسيات والجسديات، يدخل بعلمه لأقوال الله، ويحاول أن يفهم ويمنطق الكتاب المقدس ويشرح كيفما يرى وحسب ما تعلم وتلقن من الكتب والأبحاث، وكلها بتعبر عن طفولة روحية وعدم نضوج.
فيا إخوتي الكتاب المقدس لا يفهم ولا يُشرح
إلا بنفس ذات روح الإلهام الذي كتب به، بمعنى أن يفهم في إطار الروح والقوة وليس بكلام الإنسانية المقنع المنتشر في هذه الأيام الصعبة.
باعتذر عن التطويل
وحاولت أركز الكلام بقدر الإمكان، لكن نصيحتي للجميع ان يصبروا ويدخلوا مخدعهم وينتظروا عمل الله في قلوبهم ويطلبوا الفهم بالروح ولا يتعجلوا لا في شرح ولا تفسير، لأن الموضوع يحتاج إفراز وتمييز وإدراك روحي بإلهم الروح القدس، لأن كثيرين يشروحون ويفسرون بشكل جميل ومقنع لكنهم مفتقرين لبرهان الروح والقوة، لذلك الإنسان الناضج روحياًُ الذي عنده الحس الروحي والإدارك الرؤيوي بإعلان الروح يستطيع ان يُميز ويفرز الأمور ويفهم ما هي مشيئة الله وما هو تدبيره الحسن، كونوا معافين بقوة كلمة الحياة التي لنا في المسيح يسوع آمين.


via †† ارثوذكس †† http://ift.tt/2ziSyZP

0 التعليقات: