Tuesday, December 19, 2017

جديد ارثوذكس : طبيعة الإفخارستيا - إيماننا الحي وشركتنا في المسيح



سلام في الرب

الناس اللي عندها إصرار انها تعرف طبيعة سرّ الإفخارستيا وماذا نتناول على وجه التحديد، هل ناسوت ام لاهوت، وهل اللاهوت يؤكل وازاي اللاهوت يتحد بالناسوت وازاي تكون طبيعة اتحادنا بالمسيح وكيف يكون فينا ونحن فيه وبأي طريقة يكون هذا؟ وهل هذا معقول ومنطقي!!!
مع أن في واقع الإيمان الحي
الرب أعطانا عطية تفوق الإدارك الطبيعي وهي تختص بالخليقة الجديدة وحدها، اي بإنسانيتنا الجديدة ونموها وثباتها في الكرمة الحقيقية، فقد أعطانا هبه الشركة بطريقة تفوق المنطق الطبيعي وفكر الإنسان اللي عايش في إنسانيته الساقطة ويخضع الروحيات للجسديات والحسيات، لأن الإنسان الطبيعي عنده جهالة طبيعية وذهنه منغلق على النور الإلهي ولا يستطيع أن يستوعب الأسرار الإلهية السماوية.
فانفتاح الذهن بالروح
يجعل كل شيء بسيط تتقبله النفس من يد المسيح الرب ببساطة الإيمان الحي، فقد قال خذوا كلوا هذا هو جسدي اشربوا هذا هو دمي ونحن نقول آمين ونتناول بالإيمان بلا فحص لأن نطق المسيح الرب صادق وعطاياه لا تُفحص تحت المجهر ولا نأخذها كالأمم المنعزلين عن الله.
وحين نتقبلها منه بإيمان
ندخل في هذا السر العظيم الذي للتقوى ونحيا ونعيش ونثبت فيه وتسري حياته فينا، أما الجدل العقيم والتصميم على تحويل الموضوع لجدل ونقاش وماذا نتناول على وجه التحديد، والخناقة الشهيرة على نتناول لاهوت أم ناسوت، وما هو الذي يؤكل ولا يؤكل، يدل على عدم خبرة الحياة وتذوق فعل الشركة الحقيقية على المائدة الملوكية، لأن كيف كنا نتناول ونحن ما زلنا متعثرين في عطية المسيح الرب!!
يا إخوتي اعلموا يقيناً
ليس كل شيء يُشرح ويتم تفسيره، خاصة لو عطية سرائرية، حتى المعمودية ممكن نتكلم من جهة الفعل الخلاصي الذي تتمه الرب، لكن كيف نولد من الله فيها، وكيف نُسميها رحم ويخرج منها الإنسان خليقة جديدة لابس المسيح، فهل المسيح الرب يُلبس.. مهو بصراحة لو دخلنا في هذا النقاش والجدل لم ولن ننتهي بل سيضيع علينا السر ولن نتذوق شيئاً بل سنتصراع ونتخاصم ونفقد تبعيتنا للمسيح الرب.
فبدون انفتاح البصيرة بالروح
والتقدم بإيمان لن يفهم الإنسان أي شيء، وسيظل تائه ولن يقتنع بأي كلام يقال مهما ما كان مقنع أو حتى في صميم الإيمان الحي، بل سيتصارع، وكما قال القديس أغسطينوس: "آمن تفهم".
والغريبة اننا عمرنا ما سمعنا الرسل سألوا المسيح الرب
ماهذا أو كيف يكون هذا، نيقوديموس فقط معلم اليهود هو اللي سأل كيف يكون هذا ولم يستوعب كلام المسيح الرب لأن ذهنه مغلق ومحصور في الحرف والفكر المنطقي الطبيعي، لذلك الرسول بولس قال انه لم يتكلم بكلام الإنسانية المقنع بل ببرهان الروح والقوة، والناس للأسف ما زالت تبحث عن كلام إنسانية مقنع وليس برهان الروح والقوة..
آه متى لا نهبط بتقدمة المسيح الرب
لمستوى ضعف الفكر الإنساني المُظلم ونسخف السرّ لأننا بذلك نخسر العطية، لأن ليس كل شيء قابل للجدل والنقاش والخضوع للعقل، لأن عطيا المسيح الرب لن تُفهم ولن تُستوعب بهذه الطريقة أبداً، واحذروا لأن كل من يدخل في هذا الجدل العقيم لن يتبع المسيح وسيرتد عنه في النهاية، فلنشاهد ما حدث حينما قال الرب هذا الكلام، فاليهود انتقدوه وبعض من التلاميذ تركوه وابتعدوا عنه:
+ أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هَذَا الْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ. وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ الْعَالَمِ. فَخَاصَمَ الْيَهُودُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً قَائِلِينَ: «كَيْفَ يَقْدِرُ هَذَا أَنْ يُعْطِيَنَا جَسَدَهُ لِنَأْكُلَ؟».
+ فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ. مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ. لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَقٌّ وَدَمِي مَشْرَبٌ حَقٌّ. مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ. كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ الْحَيُّ وَأَنَا حَيٌّ بِالآبِ فَمَنْ يَأْكُلْنِي فَهُوَ يَحْيَا بِي. هَذَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. لَيْسَ كَمَا أَكَلَ آبَاؤُكُمُ الْمَنَّ وَمَاتُوا. مَنْ يَأْكُلْ هَذَا الْخُبْزَ فَإِنَّهُ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ». قَالَ هَذَا فِي الْمَجْمَعِ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي كَفْرِنَاحُومَ.

+ فَقَالَ كَثِيرُونَ مِنْ تلاَمِيذِهِ إِذْ سَمِعُوا: «إِنَّ هَذَا الْكلاَمَ صَعْبٌ! مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَسْمَعَهُ؟».
فَعَلِمَ يَسُوعُ فِي نَفْسِهِ أَنَّ تلاَمِيذَهُ يَتَذَمَّرُونَ عَلَى هَذَا فَقَالَ لَهُمْ:
«أَهَذَا يُعْثِرُكُمْ؟ فَإِنْ رَأَيْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ صَاعِداً إِلَى حَيْثُ كَانَ أَوَّلاً! اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فلاَ يُفِيدُ شَيْئاً. اَلْكلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ. وَلَكِنْ مِنْكُمْ قَوْمٌ لاَ يُؤْمِنُونَ».
لأَنَّ يَسُوعَ مِنَ الْبَدْءِ عَلِمَ مَنْ هُمُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ وَمَنْ هُوَ الَّذِي يُسَلِّمُهُ. فَقَالَ:
«لِهَذَا قُلْتُ لَكُمْ إِنَّهُ لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يُعْطَ مِنْ أَبِي».
++ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ رَجَعَ كَثِيرُونَ مِنْ تلاَمِيذِهِ إِلَى الْوَرَاءِ وَلَمْ يَعُودُوا يَمْشُونَ مَعَهُ (يوحنا 6: 51 - 66)
أرجوكم فلنكف عن التحدث عن هذا السر العظيم حتى لو كلامنا رائع وليس فيه عيب
وندخل إليه بمهابة وخشوع لنتقبل عطية المسيح الرب من يده بإيمان بلا فحص كالأمم المنعزلين عن الله، لأنها عطية ممتدة، لا تتكرر لكنها ممتده (وتعطى بالسر في شكل متكرر) وفعلها ضارب جذوره في أعماق الزمن ليرتفع بالإنسان فوق الزمن، ومن تذوقها فيكم بعمقها وحسه الروحي سيعرف لماذا أقول فلنصمت ولا نتحدث عن هذا السرّ الذي لا يُشرح، لأن متى دخلنا في شرحه بأي صورة سنقع في مشاكل لا تنتهي، فأسرار الله تُعطى للإنسان في سرّ مختوم بالتقوى والقداسة، يفرح القلب جداً بها كالكنز الثمين الذي لا يُقدَّر بثمن، لكن العقل الطبيعي يتعثر، أما الذهن المنفتح بالنور الإلهي يرى ويبصر ويثبت ويشبع ويتشرب من النعمة المُخلِّصة.


via †† ارثوذكس †† http://ift.tt/2BzdCuk

0 التعليقات: