Tuesday, March 6, 2018

جديد ارثوذكس : حربنا الروحية وخبرة الانتصار فيها على مستوى الواقع العملي



الحرب للرب – حربنا الروحية والانتصار فيها
معوقات كثيرة تواجه الفلاح في أرضه،
فأن لم يفلحها ويرعاها جيداً فأن الآفات والحشرات والطيور الشرهة والحيوانات الشرسة قد تهاجم زرعه الصالح فتفسد محصوله الذي تعب وكد فيه، لذلك فهو دائم النشاط يرعى أرضه بجدية ونشاط دائم وانتباه عظيم، يحافظ على الأسوار ويسد ثغراتها أولاً بأول، ويضع ما يُخيف طيور السماء لكي لا تقترب وتأكل زرعه، ويضع السماد اللازم لتقوية الزرع، ويرش المبيدات اللازمة للوقاية من الآفات، وهكذا بالمثل أيضاً كل نفس تهتم بأرض قلبها، فهي لا تدع زرع الله الصالح فيها يُنزع منها أو يذبل فيها ويموت، بل تسهر لكي لا يسرق السارق ثمرها الصالح.
فأعداء النفس كثيرة،
كلهم شراسة وعنف، ولا تقدر وحدها أن تواجههم وتنتصر عليهم، لأن عدونا الأول هو الشيطان الذي يحاربنا على كل وجه ومن كل اتجاه، تارة يحاول أن يخطف بذرة الكلمة من قلبنا قبل أن تنغرس، وحينما لا يستطيع أن ينزعها وتنغرس وتنبت يحاول أن يخنقها بهموم العالم ومشاكله، وأحياناً يهاجمنا من خلال غرائز الجسد مداعباً شهوات النفس القديمة التي أُبطلت فيها بفعل النعمة، عله يستطيع أن يُغري الإنسان للارتداد للذتها الوقتية فيسلب طهارة الجسد ويطفئ حرارة الروح، أو يُعيد ذكريات صداقات شريرة قديمة عله يحن إليها الإنسان فيعود لشركة من تركهم بسبب أعمالهم فينسى قداسته ويرتد للحماقات القديمة حتى يُبطل عمل النعمة في داخله، أو يُغريه بالمعرفة من خلال الفضول لأنه يود أن يعرف كل شيء وأي شيء خارج مشيئة الله وإعلانه، فيكسر الوصية ويتخطى الحدود المرسومة من الله ليعرف أكثر مما ينبغي أن يعرف حسب مشيئة الله وتدبيره لنفسه، أو يحاول أن يضربه أعظم ضربة وهي كبرياء القلب الخفي حتى ينتفخ ويظن أنه الأفضل والأحسن والمتعمق في المعارف الروحية واللاهوتية أكثر من غيره فينتفخ ويتعالى على الناس، فيخرج خارج التدبير الروحي وينبطح في أرض الغرباء عن الله..
وهكذا تتنوع الحرب على كل وجه
وتتفاوت من شخص لآخر، لأن إبليس يغربل الجميع كالحنطة بغرض واحد وهو أن يفنى إيمانهم وتبطل نعمة الله في قلوبهم ليفقدوا كل زرع صالح زرعه الله ببذرة كلمته لكي تثمر في الإنسان ثماراً صالحه حسب قصده.
والويل، وكل الويل للإنسان الذي يقف وحده منفرداً
ليواجه هذه الحروب لأن هجمات العدو شرسة لا يقوى عليها إنسان، لأن من يستطيع أن يواجه القوات الروحية الشريرة التي تعمل خفية دون أن يراها، فكما أن الفلاح لا يستطيع ان يواجه الطيور الجارحة ولا الحيوانات الشرسة في مزرعته لذلك فأنه يهتم بأن يسورها بأسوار منيعة شائكة مع أبراج عالية يضع عليها حراس مسلحين ساهرين لكي يواجهوا حيوانات البرية واللصوص، هكذا نحن أيضاً ينبغي أن نُسيج قلبنا بسياج خاصة ساهرين منتبهين لكي لا يقترب العدو، لأنه كأسد يجول ملتمساً من يبتلعه.
فيا إخوتي انتبهوا،
لأن مكتوب فوق كل تحفظ أحفظ قلبك، وهذه هي الطريقة السليمة القانونية: فالله أعطانا ناره الخاصة لتُحيط بنا من كل جانب، وهي نيران الروح القدس، لأن حينما يشتعل فينا بناره فأنه يُسيج أرض قلبنا ويعمل فينا بغرس كلمة المسيح ربنا ويرعاها لتثمر فينا، والعدو في تلك الحالة لا يقوى علينا أبداً، لأن نور الكلمة ونار الروح القدس تبدد الظلمة من حولنا والعدو يستحيل عليه أن يقترب من النور لأنه ظلمة، والظلمة لا تحيا في النور إطلاقاً، فمدام لنا نور ونسير فيه، فأنه من المستحيل على الظلام أن يُدركنا، والشرير لا يقوى أن يمسنا، لأننا نحيا بقوة الميلاد الثاني بالإنسان الجديد الفوقاني الذي لا يمسه الشرير: نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ (ميلاد جديد فوقاني وصار خليقة جديدة في المسيح) لاَ يُخْطِئُ (لا يحيا في الخطية أو يرتاح إليها أو فيها لأنه لا يُستعبد لها مرة أُخرى)، بَلِ الْمَوْلُودُ مِنَ اللهِ يَحْفَظُ نَفْسَهُ، وَالشِّرِّيرُ لاَ يَمَسُّهُ (1يوحنا 5: 18)
فمتى يمسنا الشرير؟
هذا يحدث فقط إن تمسكنا بشيء من إنساننا العتيق أو تركنا النار الإلهية تنطفئ فينا بإهمال الصلوات أو عدم الاهتمام بقراءة كلمة الله من أجل غرسها وزرعها في القلب بطاعتها والخضوع لها وتقبلها كما هي كلمة الله لتنغرس فينا ونحيا بها، لذلك قال الرسول: لا تطفئوا الروح (1تسالونيكي 5: 19)
فالنفس يُشبهها الآباء كطائر بجناحين،
جناح الروح القدس وجناح كلمة الله، وهذان الجناحان متلازمان معاً ومندمجان ومنسجمان جداً، والريح التي تجعلهما يرفرفان بقوة هما ريح الصلاة الجادة الممزوجة بالإيمان بمسيح القيامة والحياة، فأن انعدمت صلاة الإيمان لا تُحلق النفس للعُلى السماوي، بل تهبط للأرض فيهاجمها الحيوانات المتوحشة ويفترسوها بلا شفقة، لأن مكانها الطبيعي هو التحليق في السماوات والسكنى في الأعالي بعيداً عن الأرض المستوحشة، لذلك فأن بالصلاة وحدها يشتعل الروح القدس ويعمل فينا بكلمة الحياة، وبالتالي يسيج حولنا بناره الخاصة فلا يجرؤ العدو أن يقترب أبداً، وبذلك فقط ننتصر ونغلب، لأن الحرب للرب وليست لنا، لأن داود الفتى البسيط الغير مُدرب على الحروب لم يغلب جليات إلا باسم رب الجنود، فاِسْمُ الرَّبِّ بُرْجٌ حَصِينٌ يَرْكُضُ إِلَيْهِ الصِّدِّيقُ وَيَتَمَنَّعُ (يتحصن) (أمثال 18: 10)
انتبهوا يا إخوتي واعرفوا عطية الله الثمينة،
ولا تدعوها تفارقكم أبداً، توسلوا للروح القدس أن يشتعل فيكم ولا تكفوا أبداً عن الصلاة، في كل وقت من أوقات نهاركم، سواء في مخادعكم أو في فكركم سراً وفي أي موضع أو مكان، فلن يشتعل فينا الروح القدس بدون صلاة ولا طلبة، لأن أعظم طلبة نطلبها هو أن يشتعل ويُضيء فينا [فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الآبُ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ يُعْطِي الرُّوحَ الْقُدُسَ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ؛ لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ - لوقا 11: 13؛ متى 7: 8]، وبذلك نفرح ونغلب كل شيء بل وأي شيء مهما ما كان هوَّ، فلا ترتاعوا أو تخافوا من شيء طالما الرب معكم آمين


via †† ارثوذكس †† http://ift.tt/2FuNzsY

0 التعليقات: