Saturday, April 22, 2017

جديد ارثوذكس : مشكلتنا الحقيقية في التعوق عن المسيرة الروحية



فِي الْغَدِ أَرَادَ يَسُوعُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْجَلِيلِ فَوَجَدَ فِيلُبُّسَ فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي» (يوحنا 1: 43)
هذا هو منهج شخص ربنا يسوع ونطقه حينما يجدنا تائهين، لأنه أتى أساساً لِيُضِيءَ عَلَى الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ لِكَيْ يَهْدِيَ أَقْدَامَنَا فِي طَرِيقِ السَّلاَمِ (لوقا 1: 79)، وطريق السلام مستحيل أن ندخل فيه ونراه أن لم نسمع منه نداء (اتبعني) فنُطيع ونتبعه للنهاية سائرين معه خطوة بخطوة، لأنه هو قائد حياتنا الحقيقي، لأن كل من سمع نداء اتبعني، فهو يسير وراءه شخصياً لا وراء الناس مهما ما كانت مكانتهم رفيعة وعلمهم اللاهوتي والروحي واسع، لأننا لا نتبع بشر بل مسيح القيامة والحياة بذاته وشخصه.

فالرب هو الداعي ونداءه نداء تبعية، وليس نداء أعمال بر نعملها نحن، بل نداء اتبعني، لأننا حينما نسير وراءه نخلص حتماً وبالضرورة دون عناء أو مشقة على الإطلاق، لأن هو الذي يقودنا نحو حضن الآب لنسكنه، لأن الله لم يكلمنا – في ملء الزمان – عن طريق ملاك أو نبي عظيم، بل كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في (ابن)، أي ابنه، لأن غرضه الأساسي هو ان نكون أبناء لله فيه، وحينما نصير أبناء نتبعه لأننا نلتصق به فنصير معه روحاً واحداً، وطالما صار لنا شركة معه وهو طبيعياً في حضن الآب، لذلك فأننا سنصير تلقائياً باستحقاقه هو في نفس ذات الحضن عينه، لأن طالما هو فينا ونحن فيه، وهو في حضن الآب يسكن، إذاً هذا هو مكاننا أيضاً لا بسبب أعمال عملناها لكن بسبب استحقاقه هو لأنه البسنا ذاته وهذا يكفينا جداً، بل أكثر جداً من كل كفاية.

لذلك يا إخوتي علينا أن نزيل من أفكارنا أن الله يُريد منا شيء نعمله، أو أنه يفرح ويُسر حينما تزدحم الكنائس ونركض على الأماكن التي نراها مقدسة ونحلم أن نتواجد فيها للنال بركة، لأننا لو كنا نفعل هذا وهذا اقصى طموح عندنا، وكلنا رغبة أن نقوم بواجبنا المسيحي من جهة الأعمال، فنحن اشقى جميع الناس، لأن المسيح الرب لا يبحث قط عن رجال ونساء وشباب وأطفال يعطونه أوقات فراغهم المسائية أو عطلتهم الأسبوعية، أو يصير تسليتهم في وقت فراغهم عوض ما يقضوه في أي شيء آخر كما نسمع من بعض الناس الذين يرسلون أولادهم للكنائس وقت فراغهم أو في أجازتهم الصيفية، ولا يبحث عن شيوخ يقضون سنين تقاعدهم في الكنائس والخدمة.

الرب يُنادي نداء من نوع خاص وهو [اتبعني]، والنداء على المستوى الشخصي [اتبعني انت]، ولكنه حدد شكل التبعية أيضاً إذ قال: ومن لا يأخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقني (متى 10: 38)
وذلك لأن الرب سار في طريق الصليب بغرض انه يموت، فلا يوجد تبعية للمسيح الرب بدون هذا الاستعداد: وقال للجميع أن أراد أحد أن يأتي ورائي، فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني (لوقا 9: 23)
ولذلك كان يتكلم دائماً عن التجرد وترك كل شيء من القلب، لأن بدون الترك والتجرد لن يكون هناك استعداد حقيقي للسير وراء المسيح الرب إلى الصليب ومن ثم الموت لنبلغ قيامته لنسكن معه في حضن الآب ونتذوق قوة حياة الشركة الحقيقي كواقع اختباري في حياتنا الشخصية.
انظروا يا إخوتي وتفكروا في هذا الكلام جيداً جداً، الحياة مع الله ليست فكرة ولا نظرية ولا حياة في الفراغ، أو مجرد ظنون وتخيلات وكلام عن الحب في شكل رومانسي حالم، أو الكلام عن شركة الطبيعة الإلهية والمحاربة على لفظة التأله والاتحاد بالله، ولا اللغو الحادث في الصراع القائم على الألفاظ اللاهوتية ودقة شرحها، وأيضاً الجدل الحادث عن نقص المعرفة وضعف الدراسات اللاهوتية والكتابية العلمية والثقافية، لأن كل هذا انشغال عن واقعية الحياة مع الله من جهة اتخاذ موقف قلبي واضح وصريح من نداء المسيح الرب: [اتبعني]
واتبع المسيح يعني مستعد أن أتخلى عن كل شيء للنهاية بل وحتى حياتي نفسها ولا أعزها عنه أو أحبها حتى الموت: ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك؛ لأن لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح؛ وهم غلبوه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم ولم يحبوا حياتهم حتى الموت (لوقا 18: 28؛ فيلبي 1: 21؛ رؤيا 12: 11)
+ إِنْ كَانَ لَنَا فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ فَقَطْ رَجَاءٌ فِي الْمَسِيحِ فَإِنَّنَا أَشْقَى جَمِيعِ النَّاسِ (1كورنثوس 15: 19)
فكل من يحيا مع الله ويضع رجاءه في هذا العالم ويظن أنه سينال معجزات وأعمال كما كانت في العهد القديم وينتظر بركات الله المادية، فهو لم يتبع المسيح الرب بعد، لأنه لم يقرأ الإنجيل قراءة سليمة ولا صحيحة ولم يعلم بعد ملامح الطريق الإلهي الصحيح لكي يسير فيه خطوة بخطوة مع المسيح الرب، لذلك لنصغي لكلام الرب الذي دائماً نتكلم به ولكننا لا نعيه ولا نفهمه من جهة الخبرة التي ضاعت من كثيرين ركزوا على المعرفة والعلم أكثر من ان تكون لهم حياة خبرة حقيقية مع الله على مستوى العمل والفعل:
(1) وَفِيمَا هُمْ سَائِرُونَ فِي الطَّرِيقِ قَالَ لَهُ وَاحِدٌ: «يَا سَيِّدُ أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ».
(2) وَقَالَ لِآخَرَ: «اتْبَعْنِي». فَقَالَ: «يَا سَيِّدُ ائْذَنْ لِي أَنْ أَمْضِيَ أَوَّلاً وَأَدْفِنَ أَبِي». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «دَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ وَأَمَّا أَنْتَ فَاذْهَبْ وَنَادِ بِمَلَكُوتِ اللهِ».
(3) وَقَالَ آخَرُ أَيْضاً: «أَتْبَعُكَ يَا سَيِّدُ وَلَكِنِ ائْذِنْ لِي أَوَّلاً أَنْ أُوَدِّعَ الَّذِينَ فِي بَيْتِي». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لَيْسَ أَحَدٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْمِحْرَاثِ وَيَنْظُرُ إِلَى الْوَرَاءِ يَصْلُحُ لِمَلَكُوتِ اللهِ» (لوقا 9: 57 - 62)
هذه ثلاث عينات، اثنين يريدوا أن يتبعوا المسيح الرب، وواحد دعاه الرب ليأتي وراءه، ولكن كل واحد كان له مطلب والرب وضح المشكلة المعوقة للسير معه، ولا ننسى الشاب الغني الذي احبه الرب لكن هو لم يكن عنده الاستعداد أن يتخلى عن شيء وكان قلبه متعلق بأمواله الكثيرة، فكيف له ان يتخلى عن كل هذا، في حين نجد أن زكا العشار وزع كل ما له حينما دخل الرب بيته، وتذوق حلاوة حضرة الرب يسوع معه في منزله، فترك كل شيء بسهولة دون عناء، ومن ثمَّ تبعه بإخلاص.
فأن لم نتخلى – من القلب – عن كل شيء وأي شيء تتعلق به نفوسنا فستستحيل تبعيتنا للمسيح الرب بإخلاص مهما ما صنعنا حتى لو كان لنا كل المعرفة والعلم النافع والباني للجميع، لأن نداء الرب اتبعني لن يتحقق فينا، بل ولن نستطيع ان نتمم هذه الدعوة أن لم نعرف طبيعة السلوك فيها وهو التخلي التام عن كل شيء وأي شيء يتعلق به قلبنا.


via †† ارثوذكس †† http://ift.tt/2oxJzfB

0 التعليقات: