Saturday, April 28, 2018

جديد ارثوذكس : الطريق المسيحي الأصيل، اتبعني - التبعية (موضوع كامل عن المفهوم الصحيح لحمل الصليب )



(أولاً) الطريق المسيحي الحقيقي تبعية وحمل الصليب

في واقع معرفتنا بشخص الرب فأننا نجده يدعونا دعوة خاصة، وهي دعوة مغايرة ومختلفة عن العهد القديم من جهة الشكل وإظهار القصد الإلهي، لأنها دعوة لا تحمل معنى باطني أو معنى نبوي سيتحقق من جهة المستقبل، ولا دعوة تتحقق على مستوى الجسد من جهة هذا العالم الحاضر وسُبل الراحة فيه، أو من جهة المُلك الأرضي البالي، ولا تحمل أي رمزية فيها، بل دعوته دعوة مباشرة، صريحة واضحة، لا تحتاج لشرح وتفسير، جذورها ضاربة في الأبدية، وهي دعوة الله العليا في المسيح يسوع، الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة لا بمقتضى أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة التي أُعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الازلية. (فيلبي 3: 14؛ 2تيموثاوس 1: 9)
وهذه الدعوة تقول
(1) تعالوا فقد أُكمل: أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ؛ فَلَمَّا أَخَذَ يَسُوعُ الْخَلَّ قَالَ: «قَدْ أُكْمِلَ». وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ؛ إِنَّ اللهَ قَدْ أَكْمَلَ هَذَا لَنَا نَحْنُ أَوْلاَدَهُمْ إِذْ أَقَامَ يَسُوعَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ أَيْضاً فِي الْمَزْمُورِ الثَّانِي: أَنْتَ ابْنِي أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ. (يوحنا 17: 4؛ 19: 30؛ أعمال 13: 33)
(2) طوبى للمدعوين إلى عشاء عُرس الخروف وقال هذه هي أقوال الله الصادقة؛ كما ان قدرته الالهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى بمعرفة الذي دعانا بالمجد والفضيلة (دَعَانَا إِلَى مَجْدِهِ وَفَضِيلَتِهِ). اللذين بهما قد وهب لنا المواعيد العظمى والثمينة لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الالهية هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة (وَبِهَذَا صَارَ بِإِمْكَانِكُمْ أَنْ تَتَخَلَّصُوا مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي تَنْشُرُهُ الشَّهْوَةُ فِي الْعَالَمِ، وَتَشْتَرِكُوا فِي الطَّبِيعَةِ الإِلَهِيَّةِ). (لوقا 14: 17؛ رؤيا 19: 9؛ 2بطرس 1: 3 – 4)
فالدعوة هنا غالية وثمينة للغاية وواقعها التطبيقي مسيرة في القداسة، وهي قائمة على وعد بالحياة الأبدية، وهذه الدعوة قُدمت بشكل التصاق بالتبعية في طريق الحق المُشخص، الذي هو بذاته وشخصه ربنا يسوع، لأنه بنطق فمه الطاهر عرَّف ذاته نوراً مُحيياً وطريقاً حياً إلى الآب: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي؛ أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ». (يوحنا 14: 6؛ 8: 12)
فالدعوة دعوة مسيرة إلى الآب في المسيح، فيها تبعية طاعة في النور لتتميم مشيئة إلهية مُعلنة بالروح في الإنجيل، فالدعوة دعوة تبعية مستنيرة، لأن من يتبع شخص المسيح الرب النور الحقيقي لا يمشي في الظلمة، بل يكون له نور الحياة (يوحنا 8: 12)، فيرى ويبصر ويُعاين النور ويسلك ويعيش فيه بالصدق والحق بلا كذب أو ادعاء، بل تكون حياته كلها نور في الرب: إِنْ قُلْنَا إِنَّ لَنَا شَرِكَةً مَعَهُ وَسَلَكْنَا فِي الظُّلْمَةِ، نَكْذِبُ وَلَسْنَا نَعْمَلُ الْحَقَّ؛ لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ قَبْلاً ظُلْمَةً وَأَمَّا الآنَ فَنُورٌ فِي الرَّبِّ. اسْلُكُوا كَأَوْلاَدِ نُورٍ. (1يوحنا 1: 6؛ أفسس 5: 8)
والتبعية على هذا المستوى، قد حدد شكلها الكامل: "الرب بنفسه"، وذلك لكي نصل لهذه النتيجة كواقع في حياتنا العملية إذ قال: وَمَنْ لاَ يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُنِي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي. (متى 10: 38)
وعلينا أن نُلاحظ كلام الرب بكل تدقيق، لأن تبعيته تعني أن نلتزم بالطريق المُحدد الذي سار فيه بنفسه وبشخصه، لأننا لا نسير في طريقنا الخاص وفق ما يتفق مع آراءنا الشخصية وما نرتاح إليه أو حسب علمنا ومعرفتنا، بل نسير في طريق الرب الذي اجتاز فيه بنفسه، لذلك قبل أن يقول للجميع أن أراد أحد أن يأتي ورائي، قد سبق هذا الكلام بما هو موضوع عليه أن يفعله، ثم بعد ما قال ماذا سيفعل على وجه التحديد تكلم عن تبعيته في نفس ذات الطريق عينه:
«إِنَّهُ يَنْبَغِي (δεῖ = necessary inevitable – المعنى هنا = أساسي، حتمي، ضروري، مقتضى، واجب) أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَتَأَلَّمُ كَثِيراً وَيُرْفَضُ (ἀποδοκιμασθῆναι = والكلمة تحمل معنى الرفض والطرد بمعنى عدم الجدارة والتجريد من الأهلية، أو جعله عاجزا عن حرمة حق الاشتراك) مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ وَيُقْتَلُ وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ». وَقَالَ لِلْجَمِيعِ: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ كُلَّ يَوْمٍ وَيَتْبَعْنِي. فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ (يخسر ويبذل) نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي فَهَذَا يُخَلِّصُهَا. لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَأَهْلَكَ نَفْسَهُ أَوْ خَسِرَهَا؟» (لوقا 9: 22 – 25)
فالطريق هنا هو طريق مُحدد من قِبَل الله، فهو بذل الذات، بذل النفس وتقديمها للموت من أجله، أو بمعنى أدق "معه"، لأننا لا نسير منفردين ومنعزلين بأنفسنا، بل نسير معهُ (بتلازم والتصاق) في نفس ذات الطريق عينه، لكي يحيا هو بنفسه في كل واحد على المستوى الشخصي، وعلينا أن نُلاحظ كلام الرسول الذي ربط فيه صلبه مع المسيح الرب بالحب وبالبذل الذي بذله الرب أولاً من أجلنا:
مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ، فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي. (غلاطية 2: 20)
فأنا بكامل حريتي اخترت بوعيي وارتضيت بمسرة أن أسير معه (ملازماً لهُ – أسير معه خطوة بخطوة) في طريق المشقة وبذل النفس حتى الموت الفعلي، أي أتبعه في طريق الموت عينه الذي سار فيه حسب التدبير الخلاصي، بكونه أظهر حب الآب فيه من نحونا نحن البشر، إذ أنه سلَّم نفسه للموت من أجلي أنا، لذلك استحق التبعية عن جدارة لأنه هو بذاته الحياة، فليس لنا حياة ولا خلاص إلا فيه هو بشخصه بكونه وسيط وحيد لنا، وبه نحن المدعوين ننال وعد الميراث الأبدي:
لأَنَّهُ يُوجَدُ إلَهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ؛ فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يَكُونُ دَمُ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ لِلَّهِ بِلاَ عَيْبٍ، يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ مِنْ أَعْمَالٍ مَيِّتَةٍ لِتَخْدِمُوا اللهَ الْحَيَّ،وَلأَجْلِ هَذَا هُوَ وَسِيطُ عَهْدٍ جَدِيدٍ، لِكَيْ يَكُونَ الْمَدْعُّوُونَ – إِذْ صَارَ مَوْتٌ لِفِدَاءِ التَّعَدِّيَاتِ الَّتِي فِي الْعَهْدِ الأَوَّلِ – يَنَالُونَ وَعْدَ الْمِيرَاثِ الأَبَدِيِّ. (1تيموثاوس 2: 5؛ عبرانيين 9: 15)


via †† ارثوذكس †† https://ift.tt/2r6FJx7

0 التعليقات: